لمحـة موجـزة من حياة
سماحة المرجع الديني الكبير
السيد محمد سعيد الطباطبائي الحكيم (دام ظله)
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وخاتم المرسلين محمد وآله الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين.
تمهيد:
تميزت مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) بظاهرة الإبداع في تفعيل حركة الفكر الإسلامي، في فروعه ومجالاته المختلفة من بحوث العقيدة والقرآن والتربية والفقه وغيرها، حيث تميزت بالعمق والنقاء والأصالة والحيوية معبّرة في ذلك كله عن نهج الإسلام الأصيل وثقافته الحيّة.
إن مهمّة الملائمة والتكييف بين النظرية والتطبيق في علم الفقه الإسلامي لم تنطلق بعيدة عن الامتداد الطبيعي لعمق البحث الفقهي، واتصاله بالحياة انطلاقاً من منطق: (الفقه يحكم الحياة)، ذلكم لأن حقيقة البحث الفقهي ليست مجرد عملية تجميع وترتيب ذهني فحسب، بل ان من نتائج عملية
الاستنباط ـ فيما تقرره من عناصر ومقومات ـ هو مجال التطبيق للنظريات العامة، التي تبرز أهمّيتها في الدقة والعمق عند التطبيق.
وفيما كانت علوم الرسول والأئمة المعصومين من آل محمد(صلى الله عليه وآله وسلّم) المعين العذب، الذي رفد بعطائه مسيرة التشريع والفقه، باعتبار أن أقوالهم (صلوات الله عليهم) مصدر من مصادر التشريع، فيما تفرضه أدلة حجيتهم من العصمة ، وما اجتمعت فيهم من مزايا الرسالة أو الإمامة التي خصّهم الله تعالى بها.
ومن ثم فقد امتدت مدرسة علومهم عبر تاريخ التشيع بما انتجته فيوضاتهم القدسية، وتربيتهم لجيل السلف الصالح، من صحابتهم وتلاميذهم، بغية الإفادة للتمهيد في تحديد أحكام الشريعة أمام الموقف العملي، الذي برزت فيه ضرورة ممارسة العملية الاجتهادية، استناداً إلى واقع تبعية الإنسان للشريعة.